العالم من حولنا يتغير بصورة غير طبيعية من ذي قبل، والتغييرات التي تطرأ على طريقة استخدام الإنترنت حول العالم تؤثر بصورة كبيرة جدا على نمط حياة الناس في كل أنحاء العالم، ولعلك تتذكر مع بداية ظهور مواقع التواصل الإجتماعي كيف تغير العالم وكيف تغيرت التعاملات البشرية والكثير من فرص العمل التي ظهرت وانتشرت ولم تكن معروفة قبل ظهور هذه المواقع.
الأن نحن أمام نقلة نوعية في عالم الإنترنت والتي تعرف بالإنترنت الجديد Web3.0 الذي تعتمد فكرته على (عدم الإحتكار) في المقام الأول.
في بداية ظهور شبكة الإنترنت في العالم كانت تعرف بالويب Web1.0 وهي النسحة الأولى من الإنترنت كما تم تسميتها مؤخرا، وفي النسحة الأولى من الإنترنت كانت شبكة الإنترنت عبارة عن طرفين اثنين فقط، الطرف الأول يقوم برفع معلومات الى الشبكة، والطرف الثاني يقوم بتصفح وقراءة هذه المعلومات:
في النسخة الأولى من الإنترنت web1.0 لم يكن الإنترنت سوى مجرد صفحات تحتوي على نصوص وصور ويقوم الزوار بتصفح المحتوى فقط دون اي امكانية للتفاعل مع هذا المحتوى.
بعد ذلك تطورت شبكة الإنترنت حتى وصلت الى النسخة الثانية Web2.0 التي كانت بمثابة نقلة نوعية في استخدام الإنترنت حول العالم، وظهرت حينها مواقع التواصل الإجتماعي والمنتديات، حيث اصبح لدى زوار مواقع الإنترنت القدرة على التفاعل داخل المحتوى وليست فقط القراءة والإطلاع مثل إمكانية كتابة التعليقات على المنشورات، بل واصبح من الممكن المشاركة في اضافة محتوى داخل مواقع الويب، لذلك اصبح هناك قدرة على مشاركة المعلومات وامكانية المساهمة في إنتاح المحتوى من كل الناس ولم يعد الأمر مقتصرا على شخص واحد فقط يقوم برفع المحتوى وأناس أخرون يقومون بتصفح هذا المحتوى:
بداية ظهور الإنترنت الجديد Web3.0 والتطبيقات اللامركزية
في الإصدار الثاني web2.0 تطور الإنترنت بصورة كبيرة واصبح من المكن المشاركة في إنتاج المحتوى الإليكتروني من ناحية كل الأشخاص حول العالم، حيث لم يعد محتوى الإنترنت مقتصرا على أناس بعينهم، فمثلا موقع مثل اليويتيوب من الممكن لأي شخص حول العالم رفع الفيديوهات اليه وكذلك فيسبوك الذي يستطيع اي شخص في العالم رفع الصور والمنشورات وكل انواع المحتوى اليه.
لكن الويب الثاني Web2.0 كانت مشكلته الأكبر هي ( الإحتكار ) ! مما استدعى الإنتقال الى Web3.0.
في الإصدار الثالث من الإنترنت Web3.0 لن يكون هناك احتكار لأي محتوى من أي شخص او مؤسسة حول العالم، حيث لا يستطيع شخص او شركة بعينها التحكم في بيانات مستخدمي الإنترنت ولا حتى الحصول على تلك البيانات اصلا حيث ستكون كافة البيانات الخاصة بالمستخدمين مشفرة بشكل رهيب.
لكي تفهم فكرة اللامركزية في الإصدار الثالث Web3.0، تخيل مثلا ان شركة فيسبوك التي لديها ربما أكثر من مليار مستخدم نشط حول العالم، كل تلك البيانات الخاصة بمستخدمين الفيسبوك هي مخزنة بشكل حصري داخل مراكز بيانات تابعة للشركة، مما يعني ان الشركة تعرف كل شىء تقريبا عن كل المستخدمين لخدامتها، وهذ حالة تعني (المركزية) بمعنى ان هناك مركز واحد يضمن بيانات كافة المستخدمين وهذا المركز حكرا على جهة واحدة وفقط وهي الفيسبوك.
بينما اللامركزية تعني ان البيانات لن تكون مخزنة لدى طرف واحد بعينه، وربما حتى لن يكون هناك بيانات مطلوبة من الناس للدخول الى خدمة معينة او استخدام منتج بعينه، حيث سيكون التعامل باستخدام العملات الرقمية المشفرة، وستكون هذه العملات هي بوابة الدخول الى كافة خدمات الإنترنت وبالتالي لن يكون هناك حاجة الى كتابة ( اسم المستخدم - الأسم الأول - اسم العائلة - اسم الشارع 😀 ومثل تلك البيانات لكي تستطيع التسجيل في خدمة ما عبر الإنترنت) كل ما تفعله هو وضع رابط الدخول الخاص بمحفظتك الإليكترونية ومن ثم تستطيع استخدام الخدمة بهذه الهوية فقط.
أحد الأمثلة التي يمكننا رؤيتها الأن بشكل واضح هو موقع Opensea الذي من خلاله يمكنك رفع المحتوى الخاص بك مثل الصور وغيرها ويتم تعريفها المصطلح NFT كما يمكنك اتاحة هذا المحتوى للشراء من قبل مستخدمين أخرين.
هذا الموقع هو أحد أشهر التطبيقات العملية لفكرة الويب الثالث Web3.0 حيث عندما تبدأ في الدخول الى الخدمة يلزمك أولا بربط المحفظة الإليكترونية Blockchain التي تعتبر هي الهوية الشخصية الخاصة بك:
بالتأكيد تطبيقات الويب الثالث Web3.0 لا تزال في المرحلة الإنتقالية وتحتاج الى بعض الوقت للإنتقال بصورة كاملة الى الإنترنت الثالث، لكن بشكل عام يمكنني تلخيص أبرز خصائص الويب الثالث في النقاط التالية:
- لن تكون بيانات المستخدمين عبر الإنترنت حكرا على ركة او جهة بعينها
- التعاملات المالية ستكون بالبيتكوين او العملات الرقمية بشكل عام
- المحتوى الذي تقوم برفعه الى الإنترنت سيكون مملوكا لك انت فقط، ولن تستخدمه الشركات لأغراض ربحية الا اذا استفدت انت اولا من تلك الأرباح.
- لن يكون هناك ما يسمى بقواعد البيانات المركزية، حيث ان البيانات ستكون موزعة على عدد هائل من السيرفرات التي يشترك مستخدمي الإنترنت العاديون في تكوينها.
برأيك هل تعتقد ان الشركات المركزية مثل فيسبوك وجوجل وأمازن ستحارب التحول الى الويب الثالث Web3.0 أم ستسعى الإستثمار به ؟