حتى السنوات القليلة الماضية كانت البوابة البرمجية المحضة الطريق الوحيد الذي يتوجب على أي شخص يفكّر في إنشاء موقعه الخاص على الإنترنت المرور من خلاله. المئات من السطور البرمجية وعشرات الساعات من المجهود المضني والخبرة العميقة، هذه كانت متطلبات إنشاء موقع الكتروني سابقًا…. لكن الأمر الآن لم يعد كذلك أبدًا.
مع دخول نظام إدارة المحتوى CMS عالم الإنترنت وتوفره للجميع بدون استثناء لاستخدامه أصبح بإمكانك إنشاء موقعك بخطوات بسيطة. لكن ما هو نظام إدارة المحتوى؟ وما هي أنواعه ومميزاته؟ كيف تختار النظام المناسب ومتى سيكون هو الخيار الأفضل لك لإنشاء موقعك الخاص؟ هذه الأسئلة سيتم الإجابة عليها خلال المقال.
نظام إدارة المحتوى (CMS)
نظام إدارة المحتوى (Content Management System (CMS هو نظام برمجي يسمح لأي مستخدم بإنشاء موقعه الخاص وإدارته دون الحاجة إلى معرفة مسبقة بلغات البرمجة، وذلك باستخدام قوالب جاهزة سهلة الاستخدام والتعديل.
تتضمن أنظمة إدارة المحتوى واجهة مستخدم شاملة ومبسّطة يمكنك من خلالها إدارة موقعك بكل تفاصيله، بدءًا من التصميم الخارجي إلى الوظائف والخصائص التي يتمتع بها وصولًا إلى مراقبة الزيارات وإعداد الإحصائيات وغيرها الكثير من تفاصيل الموقع التي يمكنك إدارتها من مكان واحد وبنفسك ومن خلال خطوات بسيطة .
آلية عمل نظام إدارة المحتوى
تتمثل آلية عمل أنظمة الـ CMS ببساطة في اختصار المراحل والخطوات البرمجية التي يجب أن تمر بها عملية إدارة الموقع عمومًا، لنأخذ على سبيل المثال والتبسيط أنك تريد نشر مقالة في مدونتك على الإنترنت.
في الحالة العادية يتوجب عليك المرور بثلاث محطات رئيسية لنشر ذلك المقال، الأولى هي إعداد المحتوى (موضوع المقال) والثانية إعداد السطور والأوامر البرمجية التي ستخبر من خلالها الحاسوب (على الاستضافة السحابية الخاصة بك) بتفاصيل طريقة عرض المقال، مثلًا حجم خط كل عنوان وكل فقرة ولون الخط ونوعه وترتيب الصور وطريقة عرضها والروابط الداخلية والخارجية وغيرها من التفاصيل الكثيرة جدًا في مجرد مقال واحد.
أما المحطة الثالثة فهي إرسال الملف (والذي يكون عادة بصيغة html) إلى الاستضافة الخاصة بالموقع لكي تُنشر على الإنترنت. وفي حال أردت تعديل أي تفصيل بعد نشر المقال، لنفترض أردت إضافة فقرة مستجدة فيتوجب عليك تنزيل الملف مجددًا من الاستضافة وتعديل المحتوى وإرساله مرة أخرى يدويًا.
هنا يأتي دور نظام إدارة المحتوى في اختصار المحطتين المُتعِبتين الثانية والثالثة برمّتها، وكل ما عليك فعله هو كتابة المحتوى فقط ومن ثم الضغط على زر نشر لكي يصبح على الإنترنت. وإن أردت تعديل أي تفصيل فبإمكانك الدخول على المقال من خلال لوحة التحكم وتعديل المحتوى ومن ثم الضغط على تحديث المحتوى.
لفهم كيفية عمل نظام إدارة المحتوى، يجب أن نعلم أنه يتكون من جزئين أساسيين يعملان معًا لمساعدة المستخدم وتلبية متطلباته بسهولة، وهما:
- (Content Management Application (CMA: وهو تطبيق إدارة المحتوى الذي يمثل واجهة المستخدم الأمامية. وهو الجزء الذي يقدم لك الأدوات اللازمة ضمن لوحة تحكم، لإنشاء ونشر المحتوى الرقمي الذي تريد تقديمه للزوار.
- (Content Delivery Application (CDA: تطبيق تسليم المحتوى، وهو الواجهة الخلفية لنظام إدارة المحتوى، والمسؤول عن إيصال طلب الزائر إلى موقع الويب الخاص بك. فمثلًا إذا ضغط الزائر على زر الرجوع للصفحة السابقة فإن CDA هو المسؤول عن تقديم الصفحة التي تم طلبها.
مميزات إنشاء المواقع من خلال CMS
هناك العديد من الأسباب التي تدفع أصحاب مواقع الويب لاستخدام نظام إدارة المحتوى لتصميم مواقعهم، نذكر منها:
- عدم الحاجة لأي مهارة برمجية: لست بحاجة لأن تكون مبرمجًا محترفًا أو على دراية مسبقة بلغات البرمجة لتدير موقعك الخاص. يقدم لك نظام إدارة المحتوى كل ما تحتاج إليه لنشر محتواك بسهولة، كأنك تدير حساباتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
- الأدوات والإضافات المتنوعة: تقدم لك معظم أنظمة إدارة المحتوى العديد من الأدوات التي توسع من آفاق موقعك وإمكانياته ومميزاته، على سبيل المثال يتضمن الووردبريس أكثر من 50 ألف إضافة مجانية ومدفوعة لتخصيص طيف واسع جدًا من خصائص الموقع مثل الـ SEO والدردشة الآلية والبريد الآلي والعروض والخصومات التلقائية وغيرها الكثير.
- مجموعة متنوعة من القوالب: تقدم أنظمة إدارة المحتوى الكثير من القوالب الجاهزة والمجانية متنوعة الأشكال والألوان والخلفيات. فمثلًا على منصة ووردبريس (أحد أشهر أنظمة إدارة المحتوى في العالم) يوجد أكثر من 30 ألف قالب مجاني يمكنك تجربته لموقعك، ويمكنك اختيار القالب الملائم للمحتوى الخاص بك، وتعديل ما يجب تعديله ليتناسب مع احتياجاتك.
- سهولة المشاركة: تتيح أنظمة إدارة المحتوى إمكانية المشاركة المتزامنة في إدارة الموقع بين أكثر من مستخدم. حيث يستطيع كل منهم إنجاز مهمته دون التعارض مع ما ينجزه مستخدم آخر. وذلك من خلال إدارة الأذونات لكل مستخدم بحيث يمكنه الوصول لمحتوى معين وتعديله.
- جدولة المحتوى: من خلال هذه الميزة، يمكنك تحرير المحتوى وجدولته للنشر في الوقت والتاريخ المحددين. يمكنك جدولة أكثر من مهمة في نفس الوقت، فمثلًا يمكنك جدولة اعلانات العروض الخاصة بمتجرك لنشرها دفعةً واحدة في بداية موسم معين.
- سهولة التخزين والتحميل: تسمح أنظمة إدارة المحتوى للمستخدم بتخزين وتحميل مختلف أنواع الملفات والوسائط بسهولة. كل ما عليك هو اختيار الملف المطلوب للتخزين من خلال واجهة مرنة وبضغطة زر، يظهر الملف على موقعك.
- ملائمة الموقع: لضمان وصول موقعك لأكبر عدد من الزوار، يجب أن يكون متلائمًا مع جميع أنواع الأجهزة. وهذا ما تؤمنه أنظمة إدارة المحتوى بسهولة. ففي السابق كانت هذه الميزة تحتاج إلى الكثير من التعليمات البرمجية لتفعيلها، بينما في CMS تفعل تلقائيًا.
أشهر أنظمة إدارة المحتوى وكيف تختار الأفضل
بعد أن وضّحنا أهمية وفوائد أنظمة إدارة المحتوى سرعان ما سيظهر لنا سؤال صريح وهو: أي أنظمة إدارة المحتوى أختار لموقعي وكيف أحدد الأفضل لي؟
هناك العشرات من أنظمة إدارة المحتوى المُتاحة على الإنترنت وسنسرد فيما يلي أشهر هذه الأنظمة مع ميزاتها الأساسية على عُجالة.
ووردبريس WordPress
أحد أفضل وأبرز أنظمة إدارة المحتوى وأكثرها استخدامًا عالميًا؛ حيث يدير ٤٣.٢% من مواقع الويب حول العالم، وبحصة سوقية تبلغ ٦٣.٥% من المواقع المُنشئة بواسطة أنظمة إدارة المحتوى.
يعد الووردبريس من البرمجيات مفتوحة المصدر بمعنى أنه يمكنك الولوج إلى مئات وآلاف القوالب والإضافات المجانية والمدفوعة والتي يمكنك من خلالها تخصيص موقعك شكلًا ووظيفةً بدرجة عالية .
إذا كنت تريد إنشاء موقع احترافي مهما كان نوعه (تجاري، تعليمي، صور، مدونة …الخ) وذو واجهات مرنة وسهلة الاستخدام وقوالب جميلة ومتلائمة مع كافة الأجهزة والمواقع، فإن ووردبريس هو خيارك الأفضل.
يمكنك الاطلاع أكثر حول أبرز المزايا والامتيازات التي تقدمها منصة الووردبريس من خلال المقال الشامل: شرح wordpress للمبتدئين والتعريف بمميزاته وبمتطلبات وكيفية استخدامه.
جوملا Joomla
نظام إدارة محتوى ذو شعبية كبيرة على مواقع الويب. فهو مجاني ومفتوح المصدر مكتوب بلغة PHP، ويستخدم قاعدة بيانات MYSQL. تمتلك المنصة ميزة التخزين المؤقت للصفحات بالإضافة إلى سهولة التنصيب والاستخدام ويدعم العديد من اللغات، وكذلك يدعم التجارة الالكترونية وأدوات تحسين الـ SEO،.
إلا أنه معقد بعض الشئ لذا ستحتاج إلى مساعدة صغيرة من مصمم مواقع محترف، كما أنه يعاني من مشاكل في الملائمة مع بعض أنواع الأجهزة.
يمكنك الاطلاع على المزيد من التفاصيل من خلال المقال: ووردبريس أم جوملا: أي النظامين أفضل لإنشاء موقعك؟
دروبال Drupal
نظام إدارة محتوى مجاني تستخدمه الشركات الكبرى والحكومية، مثل ناسا. ذو واجهة أكثر تعقيدًا من الأنظمة الأخرى، فهو مصمم للتعامل مع المحترفين. يتمتع بالسرعة والأمان العاليين، إلا أنه لا يقدم تصميمات عالية الجودة في الإصدار المجاني.
أما عن كيفية اختيار نظام إدارة المحتوى المناسب لك فهو في الحقيقة يعتمد على عدة عوامل، منها طبيعة الموقع الذي تريد تصميمه والهدف منه والأدوات والمميزات التي تريد تزويده بها، بالإضافة إلى درجة حساسية معلومات الموقع والميزانية المخصصة للمشروع وغيرها من العوامل.
إنشاء موقعك باستخدام نظام إدارة المحتوى
أكثر ما يميز رحلة تصميم موقعك من خلال أنظمة إدارة المحتوى هي البساطة، وعلى الرغم من الاختلاف الطفيف في خطوات إنشاء الموقع بين منصة إدارة المحتوى والأخرى فإن الخطوط العامة هي نفسها، والتي تكن في الغالب كالتالي
- الحصول على استضافة واسم نطاق (دومين)
- تنصيب الووردبريس على الاستضافة
- تنزيل وتنصيب قالب للموقع
- تنزيل وتنصيب الاضافات اللازمة للموقع
- إضافة المحتوى للموقع
ستجد كل ما تحتاج إلى معرفته وأكثر من التفاصيل الدسمة والمفصلّة حول خطوات إنشاء موقع متكامل عبر منصة ووردبريس من خلال المقال التفصيلي التالي: إنشاء موقع ووردبريس احترافي خطوة بخطوة (دليل شامل للمبتدئين)
أسئلة شائعة FAQ
من يستخدم أنظمة إدارة المحتوى
تستخدم أنظمة إدارة المحتوى من قبل الأفراد والمؤسسات والشركات الصغرى والكبرى بشتى أشكالها ومجالاتها. بالنسبة للأفراد قد يكون الدافع الرئيسي هو الرغبة في تصميم موقع خاص دون الحاجة إلى تعلم أو توظيف مبرمج لذلك.
أما بالنسبة للشركات الصغيرة والكبيرة فهناك العديد من الأسباب التي تدفعها لتبني نظام إدارة المحتوى لإنشاء موقع الشركة، لعل أبرزها هو تسهيل عمل الأفراد بشكل متناسق ومنظم ضمن فريق واحد بحيث يتمكن كل فرد من أداء مهمته في الوقت نفسه ضمن الموقع بمهام وصلاحيات معينة.
ما هي تكلفة إنشاء موقع عبر أنظمة إدارة المحتوى
تختلف تكلفة إنشاء الموقع حسب نوع نظام إدارة المحتوى المُستخدم، والاستضافة المحجوزة وأيضًا نوع الموقع المُراد تصميمه، هل هو مدونة مثلًا أم متجر الكتروني أم غير ذلك. تبلغ التكلفة الابتدائية الوسطية لإنشاء موقع الكتروني عمومًا عبر منصة ووردبريس بين 100-500 دولار وقد تتعدى ذلك بكثير حتى 10 آلاف دولار أو حتى أكثر إذا أردت إنشاء موقع ضخم وتخصيصه إلى حد كبير.
تبلغ تكلفة الاستضافة السحابية حوالي 8 دولار شهريًّا وتزداد كلما زاد حجم المحتوى ومساحة الاستضافة.
ويبلغ تكلفة حجز ا سم النطاق (الدومين) حوالي 15 دولار سنويًا. بينما تبلغ تكلفة تصميم قالب احترافي خاص 1000 دولار أو أكثر.
هذه هي التكلفة التقديرية لإنشاء الموقع، قد تتغير باستمرار وتزداد بازدياد الميزات والإضافات المطلوبة.
يمكنك إثراء معرفتك أكثر حول تكلفة تصميم موقع الكتروني عبر نظام إدارة المحتوى ووردبريس WordPress من خلال المقال المفصل: تكلفة إنشاء موقع إلكتروني احترافي من الصفر (دليل شامل 2023).
هل يمكنك إنشاء موقعك الخاص دون أي مساعدة برمجية عبر الـ CMS؟
بالطبع يمكنك إنشاء موقعك الخاص وبخطوات أبسط مما تتصور. لن تحتاج إلى كتابة أي سطر برمجي وليس شرطًا أن تتمتع بمهارات برمجية أو تقنية لإنجاز ذلك؛ إذ يقدم لك نظام إدارة المحتوى لوحة تحكم سهلة الاستخدام تحتوي على جميع الأدوات اللازمة لإدارة موقعك بسهولة.
يمكنك التبحر أكثر في كيفية إنشاء موقعك الخاص بواسطة نظام إدارة المحتوى من خلال المقال الشامل: كيفية إنشاء موقع إلكتروني والربح منه بأفضل الطرق 2023.
هل هناك اختلاف بين المواقع المصممة عبر الـ CMS والمواقع التقليدية
نعم هناك اختلاف. يمكنك تصميم موقعك عبر CMS من خلال واجهات مرنة سهلة الاستخدام. كما يمكنك التعديل عليها بسهولة دون الحاجة لاستخدام لغات برمجة أو اللجوء لمصمم محترف.
في حين أن المواقع التقليدية تُصمّم باستخدام لغات البرمجة مثل HTML, CSS, JAVA SCRIPT. تتميز المواقع التقليدية بمرونة أكبر في التصميم والتخصيص. إلا أنها تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والخبرة والتكاليف.
يمكنك التمييز بين المواقع التي تستخدم نظام إدارة المحتوى من تلك المبنية على أساس برمجي تقليدي بعدة طرق، أبسطها هو الذهاب إلى موقع builtwith وكتابة رابط الموقع الذي تريد التحري فيما إذا كان مصمم بواسطة CMS أم لا ثم النقر على تحقق وسيخبرك الموقع بذلك مع كامل التفاصيل التي تحتاج إليها.
ما هي المواقع التي يمكنني إنشاؤها عبر الـ CMS ؟
في الواقع يمكنك إنشاء وتصميم أي وكل نوع من أنواع المواقع التي يمكنك تصورها باستخدام أنظمة إدارة المحتوى، من المدونات الشخصية والمتاجر الإلكترونية والمواقع الإجتماعية والتعليمية والإخبارية والحكومية وغيرها.
في حين أن المواقع التي لا يمكنك أو بشكل أدق لا يجب عليك إنشاؤها باستخدام أنظمة إدارة المحتوى هي المواقع التي تتطلب ميّزات وتصميمات خاصة. بالإضافة المواقع الحساسة التي تتطلب درجات عالية من الخصوصية والأمن مثل مواقع البنوك الإلكترونية.
في ضوء المعطيات الحالية لواقع الإنترنت لا يمكننا أن نقول أن نظام إدارة المحتوى CMS سيكون هو المستقبل، بل أصبح هو المستقبل حقيقةً. لذا إن لم تكن تخطط للدخول في المتاحة البرمجية المكلفة لتصميم موقع من الصفر فدونك منصات إدارة المحتوى فلا تتردد في استخدامها ولا تتأخر لأنك سرعان ما ستجد نفسك متأخرًا عن ركب هذا التوجه المميز في تصميم المواقع الإلكترونية.
